دين

حديث الرسول عن الصديق الصالح

لم يغفل الإسلام عن أهمية العلاقات الإنسانية ومنها الصداقة فقد حث الشرع على مصداقة الأخيار والصالحين ونهى عن مصداقة أصحاب السوء وهو ما نص عليه حديث الرسول عن الصديق الصالح.

وخلال هذا المقال على موقع الجواب 24 سنتعرف على حديث الرسول عن الصديق الصالح، وخطورة مصداقة أصحاب السوء في الدنيا والآخرة، وهل الصديق الصالح يشفع لصاحبه يوم القيامة؟.

حديث الرسول عن الصديق الصالح

لقد أكد الإسلام على ضرورة أن تكون الصداقة مبنية على أساس متين ليس فيها مصالح أو ضرر، وقد شدد على مصاحبة الصالحين، لما للصديق من تأثير كبير على صديقه، فإما أن يقوده إلى الخير في الدنية والجنة في الآخرة، أو يقوده إلى التهلكة والفساد.

والصداقة مأخوذة من الصدق، لأن الصديق يصدق صديقه ويصدقه، لذا حثنا حديث الرسول عن الصديق الصالح على ضرورة الحرص عند اختيار الصديق، فيقول النبي صلى الله عليه وسلم :”المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل”، رواه أحمد وأبو داود والترمذي.

كما قال النبي صلى الله عليه وسلم :”المؤمن مراءة أخيه المؤمن”، رواه أبو سعيد الخدري، هكذا شبه الرسول صلى الله عليه وسلم المؤمن بالمراءة، لأنه يدل أخاه على ما فيه من قبح أو خير، فيحثه على ترك القبح والظلم والفجور، ويرشده إلى الخير والطاعة، وفي ذلك يقول الله عز وجل في كتابه الكريم :”الأخلاء يومئذ لبعضهم عدو إلا المتقين”.

وقال أحد الصالحين عن الصداقة :”إذا كنت في قوم فصاحب خيارهم ولا تصحب الأردا فتردي مع الردي”، فالصديق الصالح هو الذي يرشد صديقه إلى طاعة الله عز وجل وأعمال الخير والبر وينهاه عن معصية الله، أما صديق السوء فيرشد صاحبه إلى الفجور والظلم والفسق والفساد.

ومن الصفات الضرورية التي يجب توافرها في الصديق، والتي دلنا عليها حديث الرسول عن الصديق الصالح، قوله صلى الله عليه وسلم :”لا تصاحب إلا مؤمنًا ولا يأكل طعامك إلا تقي”، إذًا يجب اختيار الصديق على أساس الدين والتقوى والصلاح ومن يحرص على طاعة الله عز وجل ويتجنب معصيته.

حديث الرسول عن الصديق الصالح

حديث عن الصديق الصالح وصديق السوء

ومما يرشدنا على ضرورة اختيار أصحاب صالحين وملازمتهم والبعد عن الجلساء الفاسدين، ما جاء في حديث الرسول عن الصديق الصالح وصديق السوء، والذي يؤكد أن مرافقة الأصدقاء تؤثر على حياة الفرد وسلوكة، فإذا كانت الرفقة صالحة فإنها تقوده إلى الخير، وإن كانت سيئة تقوده إلى الشر.

فعن أبي موسى الأشعري –رضي الله عنه- قال: “قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك إما أن يحذيك وإما أن تبتاع منه وإما أن تجد منه ريحًا طيبة، ونافخ الكير إما أن يُحرق ثيابك وإما أن تجد ريحًا خبيثة”، متفق عليه.

وقد حث القرآن الكريم أيضًا على ضرورة مصاحبة الصالحين والبعد عن رفقاء السوء، إذ يقول الله عز وجل في كتابه الكريم :”وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا” من سورة الكهف.

كذلك بين لنا الله عز وجل أن جلساء السوء سوف تكون حسرة وندامة يوم القيامة، إذ يقول الله تعالى :”وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً * يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلاً * لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولاً”، الآية 27-29 سورة الفرقان.

ويتبين من حديث الرسول عن الصديق الصالح والقرآن الكريم، أن هناك صاحب يأخذ بيد صاحبه إلى الله عز وجل، وصاحب آخر يأخذ صاحبه إلى متاع الحياة الدنيا ويخسر الآخرة.

ويقول الإمام ابن الجوزي –رحمه الله- “ينبغي أن يكون فيمن تؤثر صحبته خمس خصال: أن يكون عاقلًا حسن الخلق غير فاسق ولا مبتدع ولا حريص على الدنيا”، فمن اجتمعت فيه هذه الخصال فإن صحبته تنفع في الدنيا والآخرة.

حديث عن الصديق الصالح وصديق السوء

حديث الرسول عن الصداقة الثلاثيه

لم يكتف الرسول صلى الله عليه وسلم بالحث على اختيار الصديق الصالح، بل أنه تطرق إلى آداب الصداقة، فعن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال:”قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كنتم ثلاثة فلا يتناجى اثنان دون الآخر، حتى تختلطوا بالناس، من أجل أن ذلك يحزنه”.

هكذا نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن كل ما يسيء إلى المسلم ويحزنه، ومن ذلك إذا تناجى اثنان دون الثالث، فإن ذلك يسيئه ويحزنه، لذلك إذا كان هناك أكثر من ثلاثة يجب أن يتشارك الجميع في الحديث حتى لا يتأذى أحدهم من التناجي والتسار.

وهكذا فإن الإسلام يأمر بجبر القلوب وحسن المجالسة، ويبين الحديث النوع المحرم من التناجي الذي يوجب الظنون ويسبب الحزن للآخرين، أما إذا لم يحصل الأذى فلا بأس من التناجي والتسار ولكن يُستأذن الآخرين.

اقرأ أيضًا عبر قسم دينآيات قرآنية عن الصداقة

حديث عن الصديق يوم القيامة

يتبين لنا من حديث الرسول عن الصديق الصالح مدى أهمية مرافقة الصالحين، لأن الصداقة إذا لم تكن على الطاعة فإنها تنقلب يوم القيامة إلى عداوة، كما في قوله تعالى :”الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ”.

وقد أظهر حديث الرسول عن الصديق الصالح أن الصديق قد يكون شفيعًا لصاحبه، فعن جابر بن عبد الله، قال:” سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن الرجل ليقول في الجنة ما فعل صديقه فلان، وصديقه في الجحيم، فيقول الله تعالى: أخرجوا له صديقه إلى الجنة، فيقول من بقي: فما لنا من شافعين ولا صديق حميم”.

وورد في حديث عن أبي سعيد الخدري أن الجلساء الصالحين يشفعون لبعضهم يوم القيامة، ومما ورد في جزء من الحديث “ثم يؤتى بالجسر فيجعل بين ظهري جهنم، قلنا يا رسول الله وما الجسر، قال: مدحضة مزلة عليه خطاطيف وكلاليب وحسكة مفلطحة، لها شوكة عقيفاء تكون بنجد يقال لها السعدان المؤمن عليها كالطرف وكالبرق وكالريح وكأجاويد الخيل والركاب فناج مسلم وناج مخدوش ومكدوس في نار جهنم حتى يمر آخرهم يسحب سحبا، فما أنتم بأشد لي مناشدة في الحق قد تبين لكم من المؤمن يومئذ للجبار، وإذا رأوا أنهم قد نجوا في إخوانهم، يقولون ربنا إخواننا كانوا يصلون معنا ويصومون معنا ويعملون معنا، فيقول الله تعالى اذهبوا فمن وجدتم في قلبه مثقال دينار من إيمان فأخرجوه ويحرم الله صورهم على النار، فيأتونهم وبعضهم قد غاب في النار إلى قدمه وإلى أنصاف ساقيه فيخرجون من عرفوا، ثم يعودون فيقول اذهبوا فمن وجدتم في قلبه مثقال نصف دينار فأخرجوه فيخرجون من عرفوا، ثم يعودون فيقول اذهبوا فمن وجدتم في قلبه مثقال ذرة من إيمان فأخرجوه فيخرجون من عرفوا”.

وقال الحسن البصري –رحمه الله- :”استكثروا من الأصدقاء المؤمنين فإن لهم شفاعة يوم القيامة”.

ونختم بما قاله الإمام ابن القيم عن الأصدقاء، فقال :”الأصدقاء ثلاثة، الأول: كالغذاء لابد منه، والثاني: كالدواء يحتاج إليه وقت دون وقت، والثالث: كالداء لا يحتاج إليه قط”، فالأول هو الجليس الصالح، والثالث هو الجليس السوء، والثاني هو الجليس الذي بعض صفات السوء ولكن يُرتجى منه الخير.

وكما قال الرسول صلى الله عليه وسلم ورواه لنا عبد الله بن عمر بن العاص –رضي الله عنهما- :”خير الأصحاب عند الله خيرهم لصاحبه، وخير الجيران عند الله خيرهم لجاره”، رواه الترمذي.

اقرأ أيضًا: قصيدة الصداقة للإمام الشافعي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى