دين

حديث الرسول عن الشواذ

يعد عمل الشواذ من أعظم الفواحش التي نهى عنها الإسلام وتوعد الله فاعليها بعقاب شديد في الدنيا والآخرة وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من الوقوع في هذه الفاحشة واعتبرها إن ما أخوف ما يخاف منه على أمته هي الوقوع في فعل قوم لوط كما جاء ذلك في حديث الرسول عن الشواذ .

وخلال هذا المقال على موقع الجواب 24 سنتعرف على حديث الرسول عن الشواذ، وحكم الشذوذ في الإسلام، والعقوبة في الدنيا المترتبة على من وقع في فعل قوم لوط، وعقوبة الشذوذ يوم القيامة، وحكم من عمل عمل قوم لوط ثم تاب.

حديث الرسول عن الشواذ

الشذوذ هو مخالفة للفطرة السليمة التي فطر الله الناس عليها، فلا يرتكبها إلا أصحاب الشذوذ الذي يخالفون الفطرة، فيرتكبون بذلك أعظم الجرائم والفواحش وأقذرها، وقد ذكر الله تعالى في كتابه الكريم قصة قوم لوط الذين كانوا يأتون الرجال شهوة من دون الناس، وكيف كان عقابهم.

وقال تعالى :”وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ. إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلا أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوهُمْ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ . فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلا امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ . وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَرًا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ” سورة الأعراف الآيات من 80 إلى 84.

ولما كان عمل قوم لوط من أقبح الذنوب والأفعال حذرنا النبي صلى الله عليه وسلم من الوقوع في هذه الفاحشة، فعن ابن عباس –رضي الله عنهما- قال :”قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به”.

وفي رواية أخرى من حديث الرسول عن الشواذ عن ابن عباس –رضي الله عنهما- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :”من جدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به، ومن وجدتموه وقع على بهيمة فاقتلوه واقتلوا البهيمة”، رواه أحمد.

فقد بين حديث الرسول عن الشواذ مدى حرمة فعل قوم لوط من شذوذ، وما يستوجبه من قتل، فقد أجمع الأئمة والصحابة على قتل من يفعل قوم لوط، وسنتحدث بالتفصيل لاحقًا عن عقوبة الشذوذ في الدنيا والآخرة.

وثبت أيضًا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :”لعن الله من عمل عمل قوم لوط، لعن الله من عمل عمل قوم لوط، لعن الله من عمل عمل قوم لوط”.

وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن الشذوذ أحد علامات قيام القيامة، فعن ابن عباس –رضي الله عنهما- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :”ألا أخبركم بأشراط الساعة، وذلك في حجة الوداع، فقام إليه سلمان الحديث، وفيه من أشراط الساعة أن يكتفي الرجال بالرجال والنساء بالنساء، ويغار على الغلمان كما يغار على لاجارية البكر.. إلى نهاية الحديث”.

وفي حديث أخر عن ابن عباس –رضي الله عنه قال:” قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تقوم الساعة حتى ترضخ رؤوس أقوام بكوكب من السماء باستحلالهم عمل قوم لوط”.

حديث الرسول عن الشواذ

هل يهتز عرش الرحمن لفعل قوم لوط ابن باز

لقد بين لنا حديث الرسول عن الشواذ مدى جرم وفاحشة الشذوذ، ولكن هل يهتز عرش الرحمن لفعل قوم لوط كما يُشاع بين كثير من الناس؟.

ليس هناك شك أن الشذوذ من الكبائر والفواحش التي لها عقاب شديد في الدنيا والآخرة، إلا أن العلماء قد أجمعوا على أنه لا يوجد في الكتاب والسنة ما يدل على أن عرش الرحمن يهتز لارتكاب شيء من المعاصي والذنوب، فالزنا واللواط من كبائر الذنوب ولكن لم يرد اهتزاز العرش لوقوع هذا الفعل.

وقال العلماء أن عبارة اللواط يهتز له عرش الرحمن، إنها ليس لها أي مرجع شرعي ولم ترد في حديث نبوي، ولم ترد أيضًا في أحاديث الصحابة والسلف الصالح، فالعرش خلق الله مسخر إذا شاء أن يهتز اهتز بمشيئة الله، كما يقول ذلك الإمام الذهبي في كتاب سير أعلام النبلاء.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية إنه لم يرد نص شرعي فيما يتعلق باهتزاز عرش الرحمن بسبب فعل قوم لوط، ولكن الله عز وجل يبغض المعصية ويبغض كل ما نهى عنه، كما يحب كل ما أمر به.

أما ما ورد في حديث الرسول عن الشواذ فقد جاء فيه وعيد صريح بريح فيها عذاب أليم، فقد روى الديلمي عن أنس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم :”إذا استغنى النساء بالنساء والرجال بالرجال فبشرهم بريح حمراء تخرج من قبل المشرق فيمسخ بعضهم ويخسف ببعض، ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون”.

اقرأ أيضًا عبر قسم دينحكم البقاء مع الزوج الشاذ

العقوبة في الدنيا والآخرة المترتبة على من وقع في فعل قوم لوط

كما ذكرنا سابقًا فإن الشذوذ من أعظم الكبائر والفواحش، ولهذا فإن عاقبتها شديدة السوء في الدنيا والآخرة، فكما قال الإمام ابن القيم إنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديثه عن الشواذ قتل الفاعل والمفعول به، وهو حديث متفق عليه ورواه الأئمة الأربعة.

فهكذا أجمع الصحابة والعلماء على قتل من عمل عمل قوم لوط استنادًا إلى حديث الرسول عن الشواذ، ولكن اختلف الصحابة فيما بينهم على كيفية القتل، فقال أبو بكر الصديق –رضي الله عنه- يرمى من شاهق، وقال علي –رضي الله عنه- يهدم عليه حائط، وقال ابن عباس يقتلان بالحجارة.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله- أن هناك من العلماء من قال إن حد اللواط كحد الزنا، وقد قيل دون ذلك، والصحيح الذي اتفقت عليه الصحابة، أن يقتل الاثنان الأعلى والأسفل، سواء كانا محصنين أو غير محصنين.

وأجمع العلماء على أن مفاسد اللواط أعظم من مفاسد الزنا، وأن عذاب الآخرى مرتب على رتب المفاسد في الدنيا، وعلى كل فالعذاب في حق من ارتكب جريمة اللواط لا يقل عن عذاب الزنا إن لم يكن أشد منه في الدنيا والآخرة.

وأوضح الفقاء أن مفاسد اللواط أعظم من الزنا، لأن اتيان هذه الفاحشة وانتشارها في المجتمع يفسد الرجال والنساء، فلا يشتهي الرجال النساء، ومن ثم تبقى النساء متعطلة دون زواج، وبذلك يفسد المجتمع كله.

وأما عقوبة الشذوذ يوم القيامة، فإن مات صاحب هذا الذنب العظيم دون توبة فإنه عذابه سيكون أليم، فلا خلاف بين الأمة أن اللواط أعظم إثمًا من الزنا.

العقوبة في الدنيا والآخرة المترتبة على من وقع في فعل قوم لوط

حكم من عمل عمل قوم لوط ثم تاب

لقد أخبرنا حديث الرسول عن الشواذ أن من عمل عمل قوم لوط يلعنه الله وعقوبته القتل، ولكن ماذا إذا تاب من عمل عمل قوم لوط قبل أن يزيل عنه الستر ويُقام عليه الحد؟.

ليس هناك خلاف بين العلماء على أن فعل اللواط من الكبائر التي حرم الله تعالى،  ولكن الله عز وجل يفتح باب التوبة دائمًا لجميع العصاة حتى الكفار حتى تخرج الشمس من مغربها وحتى تفارق الروح الجسد، ولكن يجب أن تكون التوبة خالصة لله تعالى.

ومن شروط التوبة الإقلاع عن الذنب والندم على ما مضى من ذنوب وفواحش، والعزم على عدم العودة، وليس من شروطها إقامة الحد، فقال تعالى في سورة الزمر “قل ياعبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعًا”.

وينبغي أيضًا لمن وقع في مثل هذه الفاحشة أن يتوب إلى الله تعالى دون تسويف التوبة، إذ يقول عز وجل في سورة النساء :”‏إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا‏”.‏

كذلك إن تاب من عمل عمل قوم لوط عليه أن يستتر بستر الله ولا يجاهر بما كان يفعل ويفضح نفسه، بل عليه أن يستغفر الله ويتوب إليه بينه وبين ربه، كما عليه أن يصلح في عمله ويسارع في الأعمال الصالحة والخيرات التي تكفر عنه سيئاته.

وأخيرًا فيما يتعلق بحد اللواط على من كان يعمل هذه الفاحشة ثم تاب، فأجمع العلماء إنه إذا  تاب قبل أن تقوم عليه البينة سقط عنه الحد سواء كان فاعلًا أو مفعولًا، وإذا تاب بعدها لم يسقط عنه الحد، أما إذا أقر باللواط ثم تاب فكان الخيار للإمام إما العفو أو الحد.

اقرأ أيضًا : كيفية التخلص من الوسواس القهري الجنسي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى